من
المهم كي نتعرف على الديانة اليونانية الوثنية أن نفهم و نعرف أساطيرها ,
من أهم تلك الأساطير هي أسطورة الخلق و التي لها أكثر من نسخة , سنورد هنا
أشهر نسختين منها.
1- أسطورة الخلق حسب هيسيود (الثيوغونيا - نسب الآلهة) :
في
البدء كان هناك خاوس (كايوس) العدم الأول , من خاوس انبثقت غايا (الأرض) ,
إيروس (الحب) , آبيس (الهاوية - أو تارتاروس) و إيريبُس (الظلمة الأولية).
ثم أنجبت غايا بنفسها أورانوس (السماء) الذي لاحقاً قام بإخصابها , و أنجبت غايا منه ستة عمالقة هم :
الذكور : كويوس , كريوس , كرونوس , هايبيريون , آيابِتُس , أوشينوس
الإناث : منيموزين , فيبي , ريا , ثيا , ثيميس , تيثيس
كان آخر المواليد هو كرونوس (الوقت) الذي بعد إنجابه قرر كل من غايا و أورانوس عدم إنجاب مولود بعده.
في
ذاك الوقت كان أوروانوس جالساً على عرشه كملك للآلهة , لكن بعد أن كبر
كرونوس قام بأخذ العرش من أبيه بعد أن تمرد عليه و أصبح هو ملك الآلهة مع
زوجته و شقيقته ريا.
خاف كرونوس أن يقوم أحد أبنائه
بالتمرد عليه كما فعل هو مع والده (غالباً حد ذلك بسبب نبوءة) لذلك كلما
وُلد له مولود كان كرونوس يقوم بابتلاعه و كان أولاد كرونوس من ريا هم :
الذكور : بوسايدون , هاديس , زوس
الإناث : هيستيا , ديميتر , هيرا
و كان آخر المواليد هو زوس.
ريا
كانت تكره ما يفعله زوجها لذلك عندماوُلد مولودها الأخير زوس خبأته و قامت
بلف أحجار مكانه على أنها الرضيع , فقام كرونوس بابتلاع الأحجار بدل زوس
الذي خبأته والدته حتى كبر و اشتدت قوته قدم لوالده بشكل متخفٍ شراباً
مخدراً أدى إلى تقيوئه لأبنائه الذين ابتلعهم , ثم قاد زوس حرباً ضد
العمالقة سميت بـ Titanomachy
أدت إلى انتصار جيل الإله زوس الذي أصبح ملك الآلهة و سكن مع بقية الآلهة الأولمبيين على جبل أولمبس.
كان
هذا اختصاراً للنسخة الهيسيودية , و نفهم منها نظرة اليونانيين القدماء
للعالم , فالعالم وصل للاستقرار الذي نعرفه اليوم في قوانين الطبيعة بعد
عدة أجيال :
الجيل الأول هو جيل الآلهة الأولية التي شكلت
عناصر الخليقة (الأرض , السماء , المحيط و غيرهم...) و كانت الحياة خلال
هذا الجيل بسيطة و بدائية
الجيل الثاني هو جيل العمالقة , المخلوقات الكبيرة تحكم العالم و القوي يأكل الضعيف و لم يكن هناك فرصة لوجود البشر حينها
الجيل
الثالث هو جيل الأولمبيين , نظام الحياة تم إرساؤه و الطبيعة استقرت أكثر و
أصبح الوضع مناسباً لخلق الإنسان الذي تم خلقه في هذا الجيل و بدأت
الحضارات بالنشوء
2- أسطورة الخلق الثانية :
في
البدء كان هناك ظلام دامس , لم يكن في ذلك الظلام سوى نيكس (الليل المظلم)
, طائر بجناحين أسودين , بفعل الرياح وضعت نيكس بيضة ذهبية , و لأجيال
كثيرة جلست نيكس عليها , ثم أخيراً بدأت الحياة ترتعش فيها و انبثق منها
الإله إيروس (الحب) , ثم ارتفع نصف قشرة البيضة إلى الأعلى و أصبح السماء ,
أما النصف الآخر أصبح الأرض , سمى إيروس السماء أورانوس , و الأرض أعطاها
اسم غايا , ثم إيروس جعلهما يقعان بالحب و بدأا بالإخصاب.
ثم تستمر القصة على نفس السياق السابق.
و
نلاحظ في القصتين عناصر مهمة , مثلاً انبثاق الكل من العدم , و رغم أنني
لست من رواد المقاربة بين الأساطير و العلم إلا أن الأمر مثير للاهتمام لأن
من يتابع و يقرأ في الفيزياء الكونية و خاصة كتب مثل (كون من لا شيء)
يلاحظ السمة ذاتها الحياة أو الوجود كان مختزلاً في العدم , و كان يحتاج
فقط للتحفيز كي يأخذ أشكاله العديدة.
و كذلك في القصتين
الحب موجود منذ البدء لكي تستطيع المكونات إخصاب بعضها , و خاصة السماء و
الأرض (السماء تمطر على الأرض فتخصبها و تلد الأرض كما يحدث في عملية
الجماع بين الذكر و الأنثى).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق