الجمعة، 20 ديسمبر 2019

أهمية الطقوس في حياتنا اليومية


من منا لا ترهقه متاعب الحياة المادية اليومية ؟ فمن الدراسة إلى الذهاب إلى العمل و الأعمال المنزلية الروتينية و كذلك
المشاكل التي قد نتعرض لها في العديد من جوانب حياتنا كالعلاقات العائلية و الاجتماعية و العاطفية و كذلك المشاكل المادية و ما يلاحقنا من هموم و كذلك الأوضاع السياسية في العالم والحروب العسكرية و الاقتصادية التي لم ترحم أحد , لا عجب أننا عرضة دائماً للإرهاق النفسي و الجسدي و الروحي , للأسف فإن هذه هي الصفة العامة لحياة البشر اليوم حتى في العديد من المجتمعات المتحضرة , لذلك فإن القيام بطقوس روحية هو أحد العوامل المساعدة جداً لجلب روح القداسة إلى حياتك , لإعادة صياغة عقلك كي يعود إلى طبيعته , نعم "طبيعتك" , و هذا لأن ما نعيشه اليوم ليس من طبيعتنا في شيء , إننا نعامل كسلع و يُعتبر مدى قدرتنا على الإنتاج للشركات و المؤسسات التي نعمل فيها هو مقياسنا الأساسي خاصة بالنسبة للبالغين , كما تعتبر درجات التحصيل المدرسية مقدار الذكاء في سن الدراسة , و هذا خطأ.

كما أننا نجد أنفسنا في سباق دائم مع الوقت , و تعترينا المشاكل الصحية و ظهور الأمراض و تطورها و قدرتها على الإنتشار بشكل أسرع , لا نبالغ حين نقول أن البشرية قنبلة موقوتة تعاني ضغطاً هائلاً من الكبت و التعب و العصبية المفرطة و الدراما المفتعلة.

حسناً , ما علاقة كل هذا بموضوع المقالة ؟

قديماً عندما كان أجدادنا الوثنيون يخرجون من بيوتهم فإنهم كانوا يرون المناظر الطبيعية من حولهم إذ كانت المجتمعات تقوم في وسط الطبيعة و هم يأكلون و يشربون و يعيشون منها و فيها , و ارتبطت أديانهم بها فقدسوها و منعوا إيذاءها , و حتى إن كان أحدهم يسكن مدينة في مملكة فإن الغابة لم تكن بعيدة عنه , العديد من المدن الكبيرة في العهود الوثنية كانت مبنية في الطبيعة و كانت معابدها مطلة على مناظرها الخلابة , بالتأكيد لكل حقبة زمنية مشاكلها الخاصة , لكن لا يمكننا أن نقارن مدى التضليل و التقييد اللذين يعيشانه البشر اليوم مع فيما مضى حيث كانت المساحات الخضراء ممتدة أمامهم , حيث كانت السماء صافية و حتى في الصحراء فإنك كنت قادراً على سماع حكايا الحكماء ليلاً فيما النار تشتعل و أنت تمعن النظر في السماء الصافية البلورية كي ترى آلهتك السماوية.

اليوم , عندما تخرج من بيتك عليك أن تنتبه من المارة المكتظين على الرصيف إن كنت تسكن في ضاحية مزدحمة أو من بقعة الوحل الناتج من زحلقة عجلات السيارات إن كنت تسكن في حي شعبي , هذا بعد أن توقظك أصوات البناء و أبواق السيارات و تستقبل معها روائح دخانها و عوادمها , أو أصوات المسجلات و الراديوهات...

لذلك و لأننا لا نملك "حق العيش في الطبيعة" الذي امتلكه أجدادنا , فإن القيام بطقس هو من أفضل الحلول التي يمكن أن نقوم بها على مستوى يومي أو أسبوعي لسحب عقليتنا و مزاجنا إلى المقدس عن طريق تهيئة طقس ننسى به مشاكلنا و نستجلب خيرات الآلهة المقدسة.

بالطبع نحن لا ندعي بأن القيام بطقس الآن سوف يحول حياتك لنعيم , لكن أهمية الطقس تكمن في قدرته من خلال ممارسته بشكل منتظم و مرن بحسب الحالة على تخفيف وطأة هذه المشاكل عليك روحياً و نفسياً و نحن لا يخفى علينا اليوم مدى ارتباط الصحة النفسية بالصحة العامة , هذا بالإضافة لقدرة الطقس على استجلاب التدخل الإلهي الذي إن حدث فإنه سيقود نحو الحكمة و القداسة اللتان ستكونان عوناً في مسيرتك كإنسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق