الاثنين، 15 أكتوبر 2018

الإحيائية - Animism


الإحيائية هي مصطلح بالأنثروبولجيا ذو أصل
لاتيني Animism من Anima و تعني "الروح أو النفس (من التنفس)" وضعه إدوارد بيرنت تايلور في القرن التاسع عشر.


و الإحيائية مذهب وثني حيث كل الموجودات لديها أرواح مثل الأشجار  ,الصخور , الحيوانات , الجبال , البحيرات , البشر...
و كذلك الظواهر الطبيعية مثل الرعد.

إن الإحيائية تُقدّم عادةً على أنها أول المذاهب الدينية و الروحية على الإطلاق رغم وجود بعض العلماء الذين يقترحون وجود مرحلة أسبق على الصعيد الفكري و ليس الزمني و هي الـ Animatism أو Manaism (تترجم بصعوبة لـ مانائية) أو ما قبل الإحيائية , إلا أنّ هذا القول تعرض لكثير من الانتقادات و الشك و هو على عكس الإحيائية ليس لديه الكثير من الأدلة تدعم صحته.

ظهرت الإحيائية في المجتمعات الأولى للبشر و استمرت حتى وقتنا الحاضر حيث كان التعامل مع أرواح الغابات و الكهوف و الصخور شيئاً طبيعياً بالنسبة لهم و كذلك تقديس الأنهار و الينابيع... إن الإحيائية نظرة روحية مدهشة حيث كل ما حولنا حي , من الزهرة التي تتمايل خارجاً  و الشجرة التي تقف بحكمة إلى البحار و ما فيها...



توجد الإحيائية كمذهب وثني في كل الديانات الوثنية التي تطورت عنها لاحقاً مثلاً الديانةاالديانة السورية و ديانة الشنتو اليابانية و ديانة الأميركيين الأصليين فمثلاً في ديانة الشنتو فإن الكامي (آلهة اليابان) يرون أحياناً على أنهم قوى الحياة و الأرواح الموجودة في اليبنابيع و الأشجار و الصخور و الجبال و غيرهم...

تصنف الإحيائية عادةً على أنها ما قبل الألوهية Pre-Theistic بمعنى أن الأرواح هذه لم يكن ينظر لها على أنها آلهة كما حدث في التعددية Polytheism , و الاختلاف بينهما يحتاج إلى مقالةً طويلة لكن باختصار بالنسبة للتعددية فإن إله أو إلهة الشمس مثلاً قد يكون كائناً منفصلاً عن الشمس له صفات أسطورية عديدة لكنه مسؤول عن الشمس و يحكمها ، بينما في الإحيائية فإن الشمس نفسها حية و روحها متصلة بها , كأن الشمس عملة بوجهين الوجه الأول الفيزيائي الذي نعرفه و الآخر الروحي الذي نسبر أغواره و يمثل معنى الشمس و جوهرها المقدس و هذه الروح يمكن أن يتم تجسيدها في الفولكلور و الأساطير الشعبية اعتماداً على الثقافة  , و إن التعددية في النهاية هي تطور عن الإحيائية.

استمر تأثر العالم بالإحيائية حتى يومنا الحالي حتى أن الديانات الإبراهيمية قد تأثرت و أخذت من هذا المذهب الوثني , و في الثقافة الشهيرة Pop culture استوحى العديد أعمالهم من المذهب الإحيائي سواءً في مجال الرسم أو الغناء أو الأفلام أو غيرهم.. حتى أن بعض العلماء مثل Jean Piaget قد اقترح أن الإحيائية من طبيعة البشر و أن الأطفال يولدون و هم يحملون هذه العقلية.

الإحيائية ترى الوجود حيّ و تركز على علاقة البشر مع العالم من حولهم و كذلك فإنها تركز على الأرواح المحلية التي تتشارك مع البشر بيئتهم فمثلاً علاقة مجتمع محلي مع الغابة المجاورة أو الهضبة التي يسكنون عليها أو النهر الذي يسقي القرية , و هذه العلاقة تنمي الشعور بالانتماء لدى الناس و تربطهم بالأرض و تدفعهم إلى عيش حياة عجيبة مقدسة سحرية , و بالحديث عن السحر فإن الإحيائية لديها ارتباط وثيق بالسحر و كان القدماء يستعينون بالأرواح من حولهم في إقامة طقوسهم السحرية و هو ما جعل العالم  شيقاً مليئاً بالمغامرات و القصص التي أذهلت البشر على مدى قرون ودفعتهم لاكتشاق قدرتهم الخلاقة.


كيف يعيش الوثنيون اليوم حياةً إحيائية ؟

رغم اختلاف أشكال الديانات الوثنية و تعددها فإنهم يتشاركون الإحيائية كجوهر فالذي يتبع الديانة اليونانية يقدس النمفس Nymphs و اللاتي هنّ أرواح الطبيعة , و الذي يتبع الشنتو فإنه يتعبد للكامي Kami و الذي يتبع الديانة العربية فإنه يتواصل مع أرواح/جن الطبيعة و الأرض من حوله (الذين يختلفون عن النظرة الإسلامية لهم) و الذي يتبع أحد الديانات الوثنية الجديدة يفعل المثل , فكثيراً ما نرى الوثنيين يقدسون الينابيع المحلية أو الغابات أو الحقول و يطلبون معونة الأرواح للشفاء أو لضمان محصول جيد للعام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق