السبت، 10 مارس 2018

التعريف بالأديان الوثنية

عند سماع كلمة "وثنية" فإن أول ما يتبادر لذهن الشخص العربي هو عبادة الأوثان و الإشراك ، و هي بالنسبة للأديان الثلاثة الشهيرة لدى العرب مرفوضة و تعتبر أحد أنواع الكفر و الجهل ، بل حتى لدى الملحد العربي هي أديان غير منطقية و خرافية.
المشكلة هي أن الحكم على هذه الأديان يتم بدون معرفتها أو دراستها بشكل حيادي أو التفاعل مع أحد معتنقيها.

كلمة "وثنية" أو "Paganism" في الأصل هي كلمة أطلقها
الحكام المسيحيون على كل من لا يعتنق دينهم في أوروبا و اتهموهم بعبادة الشيطان قبل أن يقوموا بقتلهم و ارتكاب مجازر كثر عددها ، لذلك يعتبر كثير من الوثنيين أن كلمة "وثنية" هي كلمة تحقير لهم لكنها الكلمة المستخدمة لوصف معتنقي الأديان الطبيعية التي حاربها معتنقوا الأديان الشهيرة الثلاثة.

الأديان الوثنية هي أديان تدور حول عبادة الآلهة و الطبيعة  (مفهوم العبادة فيها يختلف عن مفهوم العبادة لدى الأديان الإبراهيمية) ، حيث تعتبر الطبيعة المظهر الفيزيائي أو تجلي قوة الآلهة.
و الإنسان جزء من هذه الطبيعة يخضع لقوانينها و يسير معها ، و الآلهة ليست منفصلة عن عالمنا و لا بعيدة عنه بل هي تسكن الطبيعة و تجول فيها.

تقسم الأديان الوثنية إلى أديان أصلية و هي أديان الشعوب الأولى ، و تتميز بأنها لا تملك مؤسس و لا كتاب مقدس كنظير للقرآن مثلا ، و لا قواعد صارمة أو فلسفة معينة تسير عليها و من أمثلتها الهلينية في اليونان ، الهندوسية في شبه القارة الهندية (كتب الفيدا الهندوسية لا تعتبر مصادر تشريع و لا يلزم بها معتنق الهندوسية) ، الشنتو في اليابان ، الشينية في الصين ، السينية في كوريا ، الديانة الكنعانية القديمة في بعض دول الشرق الأوسط و الديانة العربية القديمة في شبه الجزيرة العربية...
و تتميز هذه الأديان بأنها ممتزجة مع حضارة الشعب و هي فوق مفهوم الإيمان التقليدي و الإلحاد ، و لا تفرض طريقة معينة للحياة أو تقييد لها و لا تحوي تشاريع بل كل هذه الأمور تخص المجتمع و ثقافته لذلك فهي تواكب تقدم المجتمع و لا تعيقه أو تحده.
عبادة الآلهة و تقديم الإحترام لهم شيء جوهري فيها و كذلك تتضمن اعتقاد قوي بالسحر و الأسطورة ، الجدير بالذكر هو أن الأديان الإبراهيمية هي شكل سياسي توحيدي للأديان الأولى لكن تم العبث بها و فرض شرائع و أصبحت تخدم غرضا سياسيا بدلا من غرضها الروحي.

أما القسم الثاني فهو الأديان اللاحقة ، تتميز بأن لها مؤسس ، قد تحوي كتابا مقدسا و قد لا تحويه ، تتضمن شرائع بسيطة ، تخلو كذلك من مفهوم التكفير ، إلا أنها قد تفرض أسلوب معين للحياة و لكنه ليس فرضا شديد التقييد كما هو حال الأديان الإبراهيمية ، و هي ليست أديان أولى للشعوب و لا للحضارة لذلك فهي منفصلة عنها قليلا و هي نتاج أفكار البشر حول الأديان الأولى مثل البوذية التي أتت من الهندوسية ، الويكا التي أتت من عدة أديان أوروبية و شرقية و بعض مفاهيم العصر الجديد ، و الكونفوشية و بعض أشكال الطاوية التي أتت من الشينية.

تتنوع معتقدات الأديان الوثنية حول الخلق ، الحياة بعد الموت ، السحر و كثير من الأمور و لكن هذا الاختلاف لا يعتبر مدعاة للتكفير بل هو محاولة فهم للحياة و تشترك الأديان الوثنية كلها بالجوهر أما الاختلاف فقد يوجد فقط في الطريقة و بعض المفاهيم.
و مدونة الوثنية بالعربي أنشئت لغرض شرح هذه المفاهيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق