الاثنين، 30 أبريل 2018

الله في الوثنية العربية القديمة


من هو الله في الديانة العربية القديمة و ما دوره فيها ؟

اختلف العديد من الباحثين في دور الله في الديانة العربية القديمة قبل الإسلام و في تحديد هويته و مجاله , فمرة هو الإله الوثني الخالق لكل شيء , و مرة هو إله القمر... مرة هو إله بحد ذاته و مرة هو الإله هبل نفسه.

المشكلة في تحديد دور الله تعود إلى أن
المسلمين عندما سيطروا على شبه الجزيرة العربية دمروا كل الحضارة العربية القديمة و هدموا معابد الآلهة و لم يبقَ إلا ما أخذه المسلمون من الوثنية العربية و مارسوه في دينهم مثل الحج و غيره...

لذلك و قبل كل شيء علينا أن نعرف الفكرة الإسلامية عن الله.


الله في الإسلام هو خالق كل شيء و رب كل شيء و إله كل شيء , هو إله الأنبياء و إله إبراهيم الذي يعود النسب الافتراضي للأديان الإبراهيمية -و من ضمنهم الإسلام- إليه , يعتقد المسلمون أن الله كان معروفاً حتى لدى الوثنيين العرب الذين كانوا يؤمنون به و لكن يعبدون معه آلهة أخرى , حسب الرأي الإسلامي فإن العرب كانوا يعبدون الآلهة تلك ليقربوهم من الله , لأن الله بنظر العرب الوثنيين -حسب الرواية الإسلامية- كانوا يعتقدون أن الله قوي جداً و عظيم لدرجة مخيفة و لدرجة أنه لا يهمه البشر , لذلك فإن الآلهة التي هي من نسله تشفع للبشر لديه , و هي مهتمة بحياة البشر أكثر.

فيقول القرآن : "أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر".


عند قراءة دور الله لدى الوثنيين العرب حسب الرواية الإسلامية نجد أنهم كانوا يؤمنون أن الله هو خالق كل شيء فيقول القرآن عن الوثنيين العرب مثلاً : "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) الزمر".

و أيضاً : "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (87) الزخرف".


و بالنسبة للمسلمين فإن "الله" هو اسم ذلك الإله الخالق لكل شيء و الذي عبده حتى الوثنيون...


لكنّ المشاكل في هذا المفهوم كبيرة و عديدة , اختلف فيها الباحثون كثيراً و تشابكت آراؤهم فكما مرّ أعلاه , اعتبر البعض أن هذا الإله هو إله كبقية الآلهة لكنه أعلى منهم , بينما اعتبره الباقون الإله هبل , و مرة هو إله القمر و أخرى هو الإله خالق كل شيء...


إن أول مشكلة هي النصوص الإسلامية , فالنصوص الإسلامية و من ضمنها القرآن لم تكتب إلا بعد موت محمد بعشرات السنين و منها كتبت بعد مئات السنين كما أن القرآن لم تكتمل كتابته إلا في العصر العباسي و حذفت و أضيفت و تغيرت فيه آيات كثيرة , كما أن محمداً حسب المؤرخين المسلمين يعود تاريخه الافتراضي بين القرنين السادس و السابع للميلاد , بينما تشير الدراسات التاريخية أن الديانة العربية القديمة تعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد , كما أن انتشار ديانتين في شبه الجزيرة العربية هما اليهودية و المسيحية كان لهما دور مؤثر على الحياة الدينية آنذاك , فالنصوص الإسلامية ليست موثوقة تاريخياً و خاصة أنها متضاربة مع بعضها و تناقض بعضها في عديد من الأمور كما مرّ في حادثة "عمرو بن لحي الخزاعي" كما أن الإسلام -مثل اليهودية و المسيحية- يقترح أن الديانة التوحيدية هي الأقدم و الأساس و أنه تم تحريفها مما اضطر الله إلى إرسال أنبياء و رسل على مر العصور كي يصلحوا الدين التوحيدي فبالنسبة للإسلام أن أصل عبادة الله في شبه الجزيرة العربية يعود إلى الديانة الحنيفية لذا فالله حسب هذا الاقتراح هو اسم للإله الواحد خالق كل شيء و المستحق للعبادة , هذا الاقتراح خاطئ فالوثنية سبقت التوحيد في شبه الجزيرة العربية , كما أن الإسلام لم يصور العرب الوثنيين إلا بشكل سيء كأنهم مجموعة من الهمج لا همّ لها إلا الكفر , كما فعلت اليهودية و المسيحية عندما صوّرا الكنعانيين بأقبح الصور , فمن الطبيعي أن يصّور العدو عدوه بصورة قبيحة خاصة إن كان هو المتطفل , كي يعطي مبرراً لقتل عدوه و مهاجمته... كما فعل اليهود و المسيحيون و المسلمون على مر التاريخ و حتى في الحاضر... لذلك لا يمكن الأخذ بالنصوص الإسلامية كمصدر موثوق بشكل كامل لمعرفة ماهية الديانة العربية القديمة الأصلية.

بدلاً من ذلك , لكي نعرف دور الله أو إن كان إلهاً كبقية الآلهة في الديانة العربية الوثنية علينا أن نستخدم طريقتين , الأولى هي المقارنة مع الحضارات المجاورة و الثانية هي أصل الكلمة و معناها.


أولاً

المقارنة مع الحضارات المجاورة


تتشابه الحضارات المجاورة لبعضها في كثير من النواحي , مثل اللغة , الثقافة , العادات و التقاليد و كذلك الدين...


بالنسبة للمطلع على الديانات الوثنية الأولية (الفرق بين الديانات الوثنية الأولية و الجديدة) التي اعتنقتها الشعوب الأولى في جميع أنحاء العالم عامةً و في الشرق الأوسط خاصة نجد أنه لا يوجد إله خالق لكل شيء في أي من تلك الحضارات , أساطير الخلق لديها لا تذكر أي إله خالق لكل شيء رغم وجود إله أو إلهة يعزى له أو لها النصيب الأكبر من الخلق لكونه أب أو أم لمعظم الآلهة , إلا أن كل الآلهة لعبوا دوراً في عملية الخلق فمثلاً سنستعرض ثلاث أساطير تكوين/خلق إحداها شرق أوسطي :


الأسطورة اليونانية للخلق :


كان في البدء كايوس (الفوضى) بلا شكل.. فقط خلاء مستمر  ثم انبثق منها نيكس (الظلام) و غايا (الأرض) و عدة آلهة أخرى ، غايا أعطت أورانوس (السماء) و من اجتماعهما أتت عدة آلهة أكملت بدورها إنجاب آلهة أخرى و باجتماع أعمالهم اكتمل الخلق.


الأسطورة اليابانية للخلق :


كان الكون في البداية فوضى بلا هيئة محددة ، ثم من الفوضى انبثقت الأرض و السماء و تشكل الكثير من الآلهة على مر عدة أجيال و منهم أتى إيزاناغي و إيزانامي و بزواجهما أعطوا عدة آلهة أكملوا كذلك عملية الخلق.

الأسطورة السومرية للخلق :


كان في البدء الآلهة "نمو" العماء المائي و الكون في حالة اللانظام ، من "نمو" أتى "آن" ٱله السماء و "كي" إلهة الأرض و كانا ملتصقين ببعضهما و ب "نمو" و من تزاوجهما أتى إنليل الذي رفع أباه آن إلى الأعلى مشكلاً السماء و أبعد أمه كي إلى الأسفل مشكلّةً الأرض ، أنجب إنليل نانا إله القمر و نانا أنجب أوتو إله الشمس و بعد ذلك أتت عدة آلهة أكملوا عملية الخلق.




لذلك فإن افتراض أن الديانة العربية القديمة هي الوحيدة من بين كل ديانات العالم القديم التي تقترح وجود إلهاً خالق لكل شيء بدون بقية الآلهة هو افتراض غريب و خاصة أن الحضارات العربية الجنوبية لم تمجد إلهاً خالقاً لكل شيء على أنه الإله الرئيسي لها بل كان الإله الرئيسي لها هو إله القمر , مما يجعل اقتراح أن قريشاً و بعض القبائل المحيطة بها هي الوحيدة التي مجدت إلهاً خالقاً لكل شيء مثيراً للشك.


لذلك يمكن أن نفهم أن الآيتين الزمر 38 و الزخرف 87 هما مجادلتان مغلوطتان و لعلّ الرد في كلتيهما "ليقولنّ الله" هو بسبب تأثير اليهود و المسيحيين المتواجدين في شبه الجزيرة العربية الذين كانوا يستخدمون كلمة "الله" كذلك و يؤمنون بأنه خالق كل شي , كما أن أسلوب الآيتين شرطي , فالقرآن يفترض أن محمداً "إن" سأل الوثنيين العرب "من خلق السماوات و الأرض و خلقكم" فإن ردهم سيكون "الله هو من فعل ذلك" لكن هذه مجادلة افتراضية لم تحدث لأنها أسلوب شرطي و تعبّر عن قناعة محمد الخاصة.

ثانياً
أصل الكلمة و معناها

هذه النقطة متشعبة جداً و آراء المسلمين نفسهم تتنوع كثيرا حولها , و كذلك آراء المستشرقين , و لكن بما أن اللغة العربية اشتقت من لغات سامية فإن البحث في تلك اللغات و إعادة المقارنة مع الحضارات القريبة يمكن أن يعطينا الإجابة المنطقية عن دور الله و معنى اسمه في الديانة العربية القديمة.

بالإضافة إلى ذلك علينا أن نناقش معنى اسم "هُبل" حسب الاشتقاقات من اللغات السامية.

في اللغات السامية : إل/إيل أو إيلا تقابل كلمة إله و إيلات تقابل إلهة
و كذلك بعل تقابل رب و بعلة تقابل ربة

إن أصل كلمة الله تعود إلى إل/إيل أو (إيلا) حيث إل (إيلا) > إلاه (إله) > الإلاه (الإله) > اللاه (الله).
كما يمكن تتبع اسم "اللات" أو "اللت" بنفس الطريقة من "إيلات".


كي نعرف معنى اسم "الله" و دوره علينا أن نعرف أولاً معنى اسم "إل/إيل" أو "إيلا" و دوره :

إن إل كلمة تطلق على الآلهة الكبرى لدى عدة حضارات مثل الكنعانية و تشير إلى أن ذلك الإله هو الإله الأعلى أو على الأقل إله عظيم جداً بالإضافة إلى ذلك يوجد إله اسمه إل/El هو إله السماء و أب الخليقة (أب الخليقة ليس خالق كل شيء بل لأن نسب الكثير من الآلهة التي أكملت الخلق يعود إليه في حين أنه ليس الإله الأول كذلك فالنصوص الكنعانية تذكر أن هناك جيلاً من الآلهة أقدم منه و أن عمليات الخلق الأولى حدثت قبله ،  أما لقب أم/أب الخليقة موجود لدى آلهة أخرى مثل غايا أم الجميع و أم الخليقة رغم أنها لم تخلق كل شيء و كذلك زيوس يسمى أبو الآلهة و البشر رغم أنه لم يخلق كل الآلهة و لا حتى البشر بل فقط للدلالة على المكانة العالية له) و هو إله كنعاني إذاً فكلمة إل هي لقب و اسم بنفس الوقت , لقب يضاف لأسماء عدة آلهة عليا كما أن إل كان إلهاً بحد ذاته.

و بالنسبة لكون كلمة "الله" تشير إلى لقب فهذت يوافق كلام الباحث Wellhausen عن كلمة "الله" (المصدر : J. Wellhausen, Reste Arabischen Heidentums Gesammelt Und Erläutert, 1897, Druck Und Verlag Von Georg Reimer: Berlin, p. 218. )
إذا يرى أن كلمة "الله" كانت تستخدم دائما لدى الوثنيين العرب للإشارة إلى أي من آلهتهم بدل استخدام اسم الإله بحد ذاته (مثلا يمكن أن ينادوا الإله هبل باستخدام كلمة الله"... هذا متوافق مع آية "أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب" فالوثنيون لم يعترضوا على كلمة "الله" بل لأن محمد اختصر بهذه الكلمة كل الآلهة و ألغى دورها في دينه)


و في لسان العرب نقرأ : "وروى المنذري عن أَبي الهيثم أَنه سأَله عن اشتقاق اسم الله تعالى في اللغة فقال: كان حقه إلاهٌ، أُدخلت الأَلف واللام تعريفاً، فقيل أَلإلاهُ، ثم حذفت العرب الهمزة استثقالاً لها، فلما تركوا الهمزة حَوَّلوا كسرتها في اللام التي هي لام التعريف، وذهبت الهمزة أَصلاً فقالوا أَلِلاهٌ، فحرَّكوا لام التعريف التي لا تكون إلاَّ ساكنة، ثم التقى لامان متحركتان فأَدغموا الأُولى في الثانية، فقالوا الله".

و كذلك عند سيبويه : "روي عن سيبويه أنه اسم مشتق، فكان في الأصل "إلاه" مثل "فعال"، فأدخل الألف واللام بدلاً من الهمزة؛ مثل: الناس، أصله: إناس".

و هذا كله يستوي مع أصل كلمة الله ، فهي اختصار أو تخفيف لكلمة الإلاه التي هي بدون التعريف إلاه و هي الصيغة العربية من إل (للمزيد من المعلومات يرجى الذهاب إلى هذا الرابط).

أما بالنسبة لهُبل فإن آراء الباحثين منقسمة في الأغلب بين رأيين , الأول أن هُبل هي تخفيف لـ (هو بعل) أو لـ (Hubaal = Hu Ba Al) حيث  أن هذه الكلمة هي لقب لأحد الآلهة الكبيرة و الذي بالعادة يكون مرتبطاً بالحرب و النصر و حتى الخصب لدى الحضارات السامية (مثل بعل حدد) و معنى كلمة (بعل أو بِل) تعني "رب" إذاً "هُبل" تعني "هو الرب" مشيراً إلى رب الكعبة , حيث يعتقد المسلمون أن هُبل كان إلهاً وثنياً و كان أحد الآلهة الرئيسية للكعبة بل و كبيرها و هو كذلك إله يتعلق بالحرب و النصر كما ورد في معركة أحد أما الرأي الثاني فهو يقود لنفس النتيجة , فكلمة هُبل بالنسبة لهذا الرأي مؤلفة من أداة التعريف (الهاء) التي كانت مستخدمة بنطاق واسع كأداة تعريف في النصوص الصفوية و كلمة (بعل أو بِل) التي تعني "رب" فتكون كلمة "هبل" تعني "الرب" مشيرة كذلك إلى الإله الرئيسي للكعبة.



لكن ماذا عن النصوص الإسلامية التي تذكر حوادث تاريخية مثل معركة أحد عندما قال أبو سفيان : "اعلُ هبل اعلُ هبل" فرد محمد و المسلمون "الله أعلى و أجل" ثم قال أبو سفيان : "لنا العزّى و لا عزّى لكم" فقال المسلمون : "الله مولانا و لا مولى لكم" , أليست دليلاً أن "الله" و "هُبل" إلهان منفصلان ؟

بغض النظر عن صحة هذا الحديث و إن كانت معركة أحد قد حدثت بالفعل فإن الحديث يحوي مغالطات عدة و هي :


1- يعترف المسلمون أن "الله" كان معروفاً لدى الوثنيين العرب قبل محمّد , لكن الوثنيين كانوا يخشونه لأنه الإله الأقوى و الأعز و الأجل و الأعلى لذلك كان التقرب منه يتم فقط في أوقات الحاجة الكبرى أو عن طريق الآلهة الأخرى -حسب الرواية الإسلامية- , لذا فإن كان "الله" بنظر الوثنيين العرب هو أقوى من كل الآلهة و من ضمنهم هُبل لماذا لم يدعوه أبو سفيان بدلاً من هبل ؟ و لماذا قال "اعلُ هبل" ؟ أليس من المفروض أن أبو سفيان الذي هو من كبار قريش و مكة يعرف كبقية الوثنيين أن "الله" أعلى من "هُبل" إن كانا إلهان منفصلان ؟


2- عندما كان كان محمد يشن الحروب على المكيين , لماذا لم يستعن المكيون بالله علماً أن الحرب و تهديد محمد الكبير كان حاجة كبرى و خاصة أن موضوع الحرب هو "الله" نفسه , فلماذا لم يستعن أبو سفيان بالله بدلاً من هبل ؟


3- على فرض أن أبو سفيان نسي حقيقة أن الله أعلى من هبل -و هذا أمر مستبعد- لكن لماذا ردّ بعد أن قال محمد و المسلمون "الله أعلى و أجل" بقوله "لنا العزّى و لا عزّى لكم" ؟ ألم يتذكر  عن طريق الرد الأول أن الله أعلى من هبل و من العزّى كذلك ؟


من الواضح إذاً أن الحديث مغلوط أو أن الإله الإسلامي الخالق لكل شيء كان مأخوذاً من أفكار اليهود و المسيحيين و ليس من الوثنيين و لذلك لم يعبأ به أبو سفيان.


فكما أن كلمة "اللات/اللت" تطلق على الإلهات العليا كذلك كلمة "اللاه/الله" تطلق على الآلهة العليا ، هناك عدة 
إلهات سمين باسم اللات ، مثل  Asherah و Athirat كما أن النصوص العربية و حتى الموروثات الإسلامية تقول أن العرب سموا اللات بالربة و معبدها بالطائف سمي بيت الربة ، هذا ينسجم مع تفسير أن الله قد يكون هبل (هبل تعني الرب) ، اللات كذلك تسمى الربة فلربما الله و اللات أي الرب و الربة هما الإلهان الأعلى في الحضارة العربية مثل إل/إيلا و إيلات في كنعان مثلا و لكن هذا احتمال قد يكون خاطئا ، فقد يكون الله يشير إلى إيل و هبل إلى بعل حدد و هذا يحتاج دراسة أخرى.

لكن ما دور الله في الديانة العربية القديمة ؟ أو إله ماذا هو ؟

كما ذكر سابقاً , يمكن أن يكون الله هو اسم للإله الأعلى و رب السماء و أب الكائنات الحية و قد يكون حتى الإله الذي يعزى إليه النصيب الأكبر من عملية الخلق (مثل إل) و زوجته هي اللات (اللت) , و يمكن أن يُطلق على الإله الأعلى للقبيلة فيمكن أن يُطلق على الإله هُبل مثلاً.

إذاً من هو "الله" إله المسلمين و هل أحد الآلهة الوثنية ؟


يقول القرآن أن محمّداً لما دعا إلى التوحيد قال الوثنيون : "أجعل الآلهة إلها واحداً إن هذا لشيء عجاب".

هذه الآية تعطينا فكرة عن الله الإسلامي , فعلى عكس ما يقوله المسلمون أن محمّداً نهى عن عبادة ما يسمونه الآلهة "الشركية" و ترك على عبادة الله مما يعطي فكرة أن "الله" كان أحد الآلهة التي عبدهاالعرب لكن محمداً أبقى على عبادته لأنه الإله الأقوى و إله إبراهيم , إلا أن الآية لا تقول أن محمّداً نبذ بقية الآلهة و ترك كبيرها , بل أنه دمج كل الآلهة كإله واحد أو على الأقل اختصر الآلهة كلها بإله واحد أطلق عليه اسم "الله" , هذا دليل أنه لم يوجد إله واحد خالق لكل شيء و مختص بكل شيء كما تدعي الآية (و لئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولن الله..) , بل كبقية الحضارات آمن العرب بأن كل الآلهة لعبت دوراً في عملية الخلق , و لذلك استغرب العرب الوثنيون أن محمّداً ألغى أدوار كل الآلهة و جعلها إلهاً واحداً.

فمن هو إذاً ؟

للإجابة على هذا السؤال يجب معرفة أن الحياة الدينية في شبه الجزيرة العربية لم تكن تتكون من الوثنيين فقط بل كان هناك قلّة من الحنفاء و بعض اليهود و المسيحيين و المجوس و المانويين و الصابئة , و في أي حضارة لا بدّ من التأثر و التأثير بين عواملها , لذا فإن الأصح هو القول أن محمّداً تأثر بتلك الأديان -أو بعضها على الأقل- فهو اقتبس من دياناتهم , فطقوس الإسلام مثل الحج و استقبال الكعبة و كذلك تقديس رمضان و التمسح بالحجر الأسود و غيرها كلها مأخوذة من الوثنية العربية أما فيما يخص المفاهيم الإلهية فقد أخذها من التوحيديين (الحنفاء و اليهود و المسيحيين) لذلك فإن "الله" الإسلامي هو "رب الكعبة" الوثني لكن بالشكل التوحيدي المعروف لدى الأديان الابراهيمية السابقة.

الخلاصة


1- كلمة "الله" لدى الوثنيين العرب , كغيرهم من الشعوب يمكن أن تكون اسماً للإله الأعلى للبانثيون (مجموعة الآلهة) الذي هو لدى الكثير من الحضارات الشرقية إله القمر أو إله السماء , أو لقباً يُطلق على الآلهة العليا (الله تخفيف لكلمة الإله).


2- لا يوجد إله خالق لكل شيء يلغي أدوار بقية الآلهة في الديانة العربية القديمة , كما أن العرب لم يكونوا يعتقدون أن الله مخيف جداً و أنه لا يمكنهم دعوته إلا عن طريق بقية الآلهة , بل كانوا يؤمنون كبقية الشعوب أن الآلهة لعبت دوراً في عملية الخلق كذلك كان "الله" لدى المكيين و بقية العرب قريباً منهم.

3- "الله" الإسلامي أتى من مزيج بين معتقدات الوثنيين العرب و غيرهم ممن اعتنقوا ديانات أخرى مثل الحنفاء و اليهود و المسيحيين...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق