الخميس، 19 يوليو 2018

آلهتنا حية و هي لم تتركنا


أحد الأسئلة التي تطرح على الوثنيين هي "لماذا تعبدون آلهة مهزومة ماتت منذ قرون ؟"
و رغم أن هنالك العديد من المناطق في العالم التي ما زالت محتفظة بدياناتها الوثنية مثل الهند و اليابان و بعض دول أفريقيا إلا أنه بنظرهم أن توقف الناس عن عبادة الآلهة و تحولهم إلى أديان أخرى منذ قرون يعني أن الآلهة هزمت بل و ماتت (و السبب الأكبر هو المجازر و الحروب التي تعرض لها الوثنيون) لكن هذا السؤال ينبع عن الفهم الخاطئ للديانات الوثنية و للآلهة
، عندما سألني أحدهم هذا السؤال التفت و قلت "لكن الشمس مازالت موجودة و لم تمت" و هنا يكمن الجواب ، فالآلهة لطالما كانت موجودة ، الشمس و القمر و النجوم و الأرض و غيرها ، هي التي تمثل الآلهة كمظهر فيزيائي في عالمنا ، و يرى معظم الوثنيون أن الآلهة أرواح عالية الحكمة و الحرية و على درجة عالية من النقاء و كذلك خالدة ، و على عكس الإله الإبراهيمي فهي ليست بحاجة للعبادة ، بل نحن بحاجة لعبادتها و سواء آمنا بوجودها أم لا ستبقى موجودة و كذلك هي لم تتركنا بل نحن تركناها ، هي لن تفرض علينا أن نؤمن بها و نعبدها لذلك كان خيار الابتعاد خيارنا نحن لا هي ، و لكن كن على ثقة أنك ستلقى صدراً رحباً لو قررت العودة.

إن مفهوم الدين لدى الوثنيين مختلف عنه لدى الإبراهيميين فالدين بحد ذاته ليس منظومة جامدة مقدسة ، بل هو مجموعة من المعارف البشرية لكل حضارة على حدى يهدف إلى تنظيم العلاقات في العالم الطبيعي و الروحي و هو قابل للتغيير ، لذلك حتى لو لم توجد الوثنية كدين فإن الآلهة ستبقى موجودة ، لتبسيط الأمر تخيل جارك في الحي الذي تسكنه ، يمكن لك أن تنشئ روابط اجتماعية معه و يمكن أن تختار ألا تفعل ذلك ، و بغض النظر عن خيارك فإن جارك سيبقى موجوداً ، عكس الإله الإبراهيمي الذي سيختفي لو توقف الناس عن الإيمان به ، فإن الآلهة لن تختفي لو توقف الناس عن الإيمان بها ، و لو تعمقنا أكثر فإننا نجد أنه حتى لو توقف الناس عن الإيمان بهم فإنهم سيبقون بحاجة إليهم و معتمدين عليهم ، لأن الآلهة التي يعبدها الوثنيون ليست نتاج تخيلات و أفكار سياسية بل هم هنا و معنا ، الشمس ، القمر ، السماء و غيرهم من المظاهر الطبيعية تمثل بأرواحها آلهتنا ، و إن أصغيت قليلاً ستسمع نداءهم ، و ستدرك حتماً أن آلهتنا حية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق