الثلاثاء، 16 أبريل 2019

لماذا لم نعد ندرج الويكا كديانة وثنية تماماً ؟


قبل البدء بالشرح علينا أن نوضح فكرة أن عدم اعتبارنا للويكا ديانة وثنية بالكامل هذا لا يعني أنها ديانة غير سليمة أو غير صحيحة , إنما فقط ليست وثنية تماماً و إنما تضم عدداً من المعتقدات و الممارسات غير الوثنية.
يعتقد , و كذلك يدعي البعض أن الويكا لها أصول كلتية و جرمانية , إلا أن هذا ليس صحيحاً بتاتاً , بقراءة القليل حول نشأة الويكا و مقارنتها بالوثنيات الأصلية , و كذلك المرور على ثيولوجيا و معتقدات الويكا يمكننا أن نعرف العناصر الغير وثنية بها.

بدءاً علينا أن نقول أن الويكا تحتوي بعض العناصر الوثنية كتقديس آلهة وثنية و تقديس الطبيعة إلا أنها لا تعتبر وثنية في كل ما يلي :

أولاً : نشأة الويكا

1- إن مؤسس الويكا هو البريطاني جيرالد غارندر (1884–1964) و تم تقديمها للعامة في عام 1954 , في الواقع كان جيرالد غاردنر من المنتسبين لأحد المجامع أو المدارس السحرية و الذي يسمى "New Forest "Coven و الذي حسب جيرالد نفسه فإن المجمع ذاك كان استمراراً لديانة غرب أوروبا الوثنية السحرية قبل المسيحية Pre-Christian Witchcraft Religion , إلا أن لا دليل على ذلك , في الواقع , النظر إلى الممارسات السحرية خاصتهم فإننا نجد أنها بعيدة عن السحر الأوروبي الوثنية القديم , عداكم عن أن ديانات أوروبا ليست فقط ممارسات الويتشكرافت , و منه استمد جيرالد أفكاره عن الويكا.

2- كان لجيرالد انتسابات أخرى , مثلاً مع مجمع سحرة "الفجر الذهبي" "Golden Dawn" و الذي هو في الأصل ماسوني و ليس وثني , إن المعتقدات الماسونية و التي رغم استخدامها زوراً رموزاً وثنية إلا أنها في الأصل مرتبطة بممارسات و معتقدات يهودية و مسيحية و ليس وثنية , إن بعض أفكار الويكا مستمدة من "الفجر الذهبي".

3- كان لجيرالد أفكار وضعها في الويكا و لكنها مستمدة من السحر الطقسي المتأصل في الكابالا اليهودية و الممارسات الهيرمسية , و آليستر كراولي , كلاهما ليسا وثنيين.

4- "الإله و الإلهة" اللذان يعبدان في الويكا اليوم باستخدام أسماء آلهة وثنية (مثلاً زوس و هيرا - و هو أمر غير سليم تماماً , فزوس و هيرا هما أحد آلهة اليونان بينما الإله و الإلهة في الويكا من المفترض أنهما القطبان اللذان يشكلان كل شيء) إلا أن جيرالد نفسه , لم يستخدم أسماء آلهة وثنية بل استخدام فقط "الإله و الإلهة" , و هذه خطوة إضافية بعيدة عن الوثنية.

و بهذا نرى أن بذرة نشوء الويكا كانت متأثرة باليهودية , المسيحية , و الماسونية أكثر من الوثنية.

ثانياً : معتقدات الويكا

1- الويكا ديانة مثنوية , تؤمن بوجود إله و إلهة , في الغالب يتم تمثيلهم من قِبل معتنقي الويكا اليوم بأسماء آلهة وثنية , لكن في الحقيقة الديانات الوثنية الأصلية كما عرفتها كل الشعوب هي تعددية تؤمن بوجود العديد من الآلهة الفردية , و ليست مثنوية تؤمن بأن كل الآلهة الذكور هي وجه لإله ذكر واحد و أن الآلهة الإناث هي وجه لإلهة أنثى واحدة.

2- كما سبق و أشرنا , للويكا تأثر باليهودية و المسيحية , يظهر هذا عند التعمق بالممارسات السحرية و التنجيمية Occultism للويكا و كذلك السحر الطقسي Ceremonial Magic , و كذلك كتاب "آراديا إنجيل السحرة" الذي يُعتقد أن له تأثيراً بالويكا متأثر كثيراً بالأفكار المسيحية.

3- كذلك فإن الويكا , و خاصة بعد أن تفرعت كثيراً عن أفكار جيرالد تأثرت بديانات العصر الجديد New Age Religions , يظهر هذا في المفاهيم السحرية التي يستخدمها معتنقوا الويكا في السحر ككلمة "طاقة" و "قانون الجذب" و كذلك استعمال العديد من الأدوات التي تصممها متاجر العصر الجديد مثل "كريستالات الطاقة"

4- الويكا تركز بإفراط على "الطبيعة" لدرجة دمج الإله و الإلهة بها و اعتبراهما "طاقتين" تحققان اتزان الطبيعة , رغم أن الديانات الوثنية الأصلية تقدس الطبيعة إلا أن هذا المعتقد غير متواجد فيها , فالآلهة ليست طاقات , كما أن هناك آلهة غير متعلقة بالطبيعة.

ثالثاً : مقارنة بسيطة بين الويكا و الديانات الوثنية الأصلية

1- ليس للوثنيات الأصلية مؤسس - الويكا لها مؤسس (جيرالد غاردنر)

2- الوثنيات الأصلية ظهرت كديانات حضارية للشعوب القديمة (و هي متعلقة تماماً بتلك الحضارات ليس فقط من الجانب الديني) - الويكا ليس ديانة تخص حضارة أبداً , و ليس لها تعلق بحضارة أو أرض مقدسة معينة

3- الوثنيات الأصلية تعددية - الويكا مثنوية

4- السحر في الوثنيات الأصلية غالباً يعتمد على التفاعل بين الساحر/ة و الآلهة أو الأراوح أو الأجداد و أحياناً على الساحر نفسه (مثلاً استخدام السجع كنوع من الدمدمة عند العرب القدماء) - الويكا غالباً تستخدم مصطلحات ديانات العصر الجديد كـ "الطاقة"

5- الوثنيات الأصلية تحافظ على الهوية الحضارية فمثلاً تستخدم مصطلحات و كلمات و أسماء و تعتمد تقاليد تخص الحضارة المرتبطة بها - الويكا انتقائية كثيراً فتجدها مثلاً تأخذ من الهندوسية ثم من المسيحية ثم من الديانات الأفريقية... و يشكل ذلك لغطاً في الفهم و الممارسة أحياناً يؤدي إلى خروج معنى المفهوم "كالكارما" عما هو عليه أساساً , و كذلك فأعياد الويكا الثمانية "عجلة السنة" ليست تاريخياً صحيحة , إنما تم تجميعهم لاحقاً في الويكا

6- الوثنيات الأصلية مليئة بالأساطير و القصص و الحكايا المقدسة و التي غالباً ما تشير إلى البيئة المحلية و الحضارية - الويكا لا تملك هذا العنصر بتاتاً




لا يسعنا اختصار كل النقاط الآن , و خاصة أنه عند التعمق بالويكا تظهر اختلافات أخرى , من هذا المنطلق بدأت العديد بإقصاء الويكا كديانة وثنية تماماً , لكن كما قمنا بالتنبيه سابقاً , هذا لا يعني أنها ليست ديانة سليمة.

هناك تعليق واحد: